تهديد ترامب واستعادة السيطرة على قناة بنما
هدد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، باستعادة السيطرة على قناة بنما إذا لم تخفف الحكومة البنمية الرسوم المفروضة على السفن الأمريكية التي تعبر القناة. وقال ترامب في تجمع انتخابي في ولاية أريزونا: “الرسوم التي تفرضها بنما غير منصفة ومبالغ فيها. يجب أن يتوقف هذا الاستغلال لبلادنا فوراً”.
وقد أثارت هذه التصريحات رد فعل غاضباً من الرئيس البنمي، خوسيه راوول مولينو، الذي أكد أن “كل متر مربع من القناة والمنطقة المحيطة بها هو ملك لبنما”، مشدداً على أن “سيادة بنما واستقلالها غير قابلين للتفاوض”.
مقترحة
أهمية قناة بنما في التجارة العالمية
تعد قناة بنما واحدة من أعظم الإنجازات الهندسية في القرن العشرين، وتربط بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي عبر بحر الكاريبي. يقع طول القناة على مسافة 77 كيلومتراً، مما يتيح للسفن اختصار المسافات الطويلة، التي كانت تتطلب الإبحار حول رأس هورن في أقصى جنوب أمريكا الجنوبية، ويقلل المسافة بحوالي 13 ألف كيلومتر، مما يوفر وقتاً يتراوح بين 20 و30 يوماً.
منذ افتتاحها في عام 1914، أصبحت قناة بنما شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، حيث تستقبل القناة أكثر من 14 ألف سفينة سنوياً، وتتمثل السفن الأمريكية في حوالي 73% من حركة المرور. تمر عبر القناة 40% من إجمالي حركة الحاويات الأمريكية سنوياً، مما يجعلها قناة محورية للاقتصاد الأمريكي والعالمي.

التحديات البيئية وزيادة الرسوم
رغم أن قناة بنما تعد من أصغر الممرات المائية في العالم، إلا أنها حققت إيرادات قياسية بلغت 4 مليارات دولار في عام 2024 بفضل التوسعات التي أجريت في عام 2016، والتي سمحت بمرور السفن العملاقة من نوع “نيو باناماكس”. ولكن، بسبب التحديات البيئية مثل انخفاض مستويات المياه الناتج عن التغير المناخي، تم زيادة الرسوم المفروضة على السفن العابرة، وهو ما أثار انتقادات من قبل ترامب.
نفوذ الصين في المنطقة وقلق ترامب
أشار ترامب في تصريحاته إلى أن إدارة القناة تعود لبنما وحدها، محذراً من أي محاولات لتسليم القناة إلى الصين أو أي جهة أخرى. خلال العقدين الماضيين، قامت الصين بتوسيع وجودها في أمريكا اللاتينية من خلال استثمارات كبيرة في الموانئ ومشروعات البنية التحتية. بينما لا تسيطر الصين على قناة بنما، إلا أن شركة تابعة لمجموعة “سي كيه هاتشيسون” القابضة، التي مقرها هونغ كونغ، تدير ميناءين عند مدخلي القناة في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
فكرة القناة وتاريخها الطويل
تعود فكرة إنشاء قناة تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ إلى القرن الـ 16، عندما اقترح الملك الإسباني كارلوس الخامس حفر ممر مائي عبر أراضي بنما. وفي نهاية القرن الـ 19، تولت فرنسا بناء القناة، لكن المشروع فشل بسبب تفشي الأمراض والتكاليف العالية. وفي عام 1903، اشترت الولايات المتحدة حقوق المشروع من فرنسا وبدأت العمل في 1904، ليتم افتتاح القناة رسميًا في 1914.
الصراع على السيادة: من الاحتلال إلى الاستقلال
كان النزاع على السيطرة على قناة بنما أحد القضايا الجيوسياسية البارزة في القرن العشرين. منذ افتتاحها، كانت القناة تحت السيطرة الأمريكية بموجب معاهدة عام 1903، وهو ما أثار التوترات بين الولايات المتحدة وبنما. وفي عام 1977، تم التوصل إلى “معاهدات توريخوس-كارتر” التي نصت على نقل تدريجي للسيادة على القناة لبنما بحلول عام 1999. وفي ديسمبر 1999، تسلمت بنما رسمياً السيطرة على القناة، منهية قرناً من النفوذ الأمريكي المباشر.

غزو بنما: عملية “القضية العادلة”
في عام 1989، غزت الولايات المتحدة بنما خلال فترة رئاسة جورج بوش الأب، بهدف الإطاحة بالجنرال مانويل نورييغا، الذي كان متورطًا في تجارة المخدرات وغسيل الأموال. كما بررت الولايات المتحدة التدخل لحماية مواطنيها وتأمين قناة بنما. أسفرت العملية عن سقوط مئات القتلى وأثارت انتقادات دولية واسعة، لكنها مهدت لعودة الديمقراطية في بنما بعد الإطاحة بنورييغا.